الغياف
صالح، ابن عايضسالمة الموشيصحيفة الوطن في رواية "الغياف" للروائي صالح بن عايض، والتي تتجاوز إن الكتابة الإبداعية في رواية الغياف هي إبداع غير محدود يتمثل في "هل الألم همٌ لا يمكن النص السرديّ في الغياف يطرح الجسد بوصفه هيكل الروح ومحرك النفس
الخمسمائة صفحة سرد روائي في هيئة سيرة لكائن شغوف بالأسئلة الوجودية، والمعنى،
والبحث في خفايا النفس ومتطلباتها "فماذا يعني الوجود إذن؟ هل هو ذاكرة لا
تكل ولا تمل من الحفظ؟ هل هو أن أكون مجرد صورة في ذاكرة؟ هل هو سطر في كتاب؟ هل
هو عتبة تنتظر من يرتقي عليها؟ هل هو حائط مبكى"؟ وهكذا تنبثق المعطيات
الوجودية عبر الرواية في هيئة سؤال كبير يمتد من الغلاف إلى الغلاف يبدأ في سرد
الليلة الأولى والثانية والثالثة وكأنما شهريار ينتظر صباحًا يشرق في غير هذا
العالم.
تجربة الراوي وإعادة تشكيل الاحتمالات وجوهر المعاني في وصف محايد يشكل أحد أهم
فنون السيرة الروائية التي تقوم في نموذجها على سرد ذاتي تتقاطع معه تجربة الراوي
ومراوحته بين المواربة والأسئلة في مواجهة الذات الإنسانية وما يخالجها من القيم
والانتكاس والقوة، حيث تمثل حقيقة الإنسان من داخله.
شرحه للآخرين؟ هل هو همٌ فردي من نوع خاص لا يشعر به إلا من يقاسيه، ولن يشعر به
سواه"؟. سيرة الجسد والخطيئة والأقدار المدبرة التي تسقط من الأيام ومن
رزنامة الحياة دون أن نتمكن من مواجهتها بتساؤلاتنا عن لماذا تحدث؟ وما مبرر
حدوثها؟ وهل نحن هنا في العالم المادي لنمر على العذاب أم لنتجاوز الحقيقة ونكون
أقل من الوقوف أمامها عارين تمامًا من الحكم وإدانة وجودنا بهذا التوجه يسير السرد
الروائي منسابًا بسلاسة حتى يصل إلى منعطف الخطيئة والخوف: "هل الخوف وليد
الخطيئة؟ أم أن الخطأ فعل لجهل ينتج عنه ضرر، بينما الخطيئة هي التلذذ بتكرار
الفعل الناتج عن الخطأ لتلبية رغبة دنيئة في النفس؟".
وملاذ الانكسارات، ويقتنص الأحداث ويحولها إلى كيان لغوي روائي يتجاوز منطقة البوح
إلى ممارسة الكتابة كوعي مكمل للتقاطع، مع إدراكنا للعالم الموازي لحقيقة النفس
البشرية في صورة بلاغية وجمالية أشبه بالبكاء عند حائط مبكى.